مسجد مركز الملك عبدالله!!, عندما تنتحر مبادئ العمارة الإسلامية

 مسجد مركز الملك عبدالله!!, عندما تنتحر مبادئ العمارة الإسلامية
 
نجد الكثير من المعماريين يعترضون بشدة على مسمى العمارة الإسلامية ... داعين أنها مصطلح فضفاض لا يستوعب أبداُ عمارة غطت أركان الأرض من مشارقها إلى مغاربها , مفضلين الإشارة إليها بأنها عمارة فلسفية فكرية فى المقام الأول تختلف فى التشكيلات و التكوينات إلا أنها دائماُ ما تتفق حول الفكر و المنهج. ولا تنعكس العمارة الإسلامية فى المساجد فحسب و إنما نجدها فى شتى أنواع المبانى وفى التصميمات الداخلية, و التصميمات الصناعية وحتى التخطيط الحضرى.E-mail:        emadhanee@yahoo.com

فلقد ولدت هذه العمارة من الجانب الوظيفى للتصميم, حيث أنها جاءت ضمن برنامج الإحتياجات الوظيفية للتصميمات من واقع إرتباط حياة المسلم الوثيقة بدينه, الأمر الذى شكل لنا هذا التنوع المذهل فى العمارة الإسلامية من تنوع فى المرادفات حيث جاءت ترجمة تلك الإحتياجات الوظيفية مختلفة بشكل كبير, فنجد العمارة الإسلامية فى الأندلس مختلفة تماماُ عنها فى الهند, كذلك فى قلب أفريقيا عنها فى الشمال , فى المغرب العربى عنها فى مصر.

بمعنى أن العمارة الإسلامية ليست أصولية متحجرة لا تقبل التغيير, أنما هى فى الأساس أكثر المناهج المعمارية تحرر , فهى تماماُ مثل تصميم المنزل, فرغم أن كل المنازل تتشابه فى برنامجها التصميمى, فيجب أن تتوافر به غرف النوم, والحمامات, وصالات إسقبال الضيوف و المطبخ .... إلخ. إلا أننا نجد عدد لا حصر له من التصميمات المختلفة لنفس هذا البرنامج ... أى أن هذا البرنامج لم يحد أبداُ من القدرات الإبداعية للمصمم, ولم يطالبه بتصميم ثابت لتحقيقه.



وبشكل خاص فى المساجد, دائماُ ما نجد المصممون حالمون بتقديم العمارة الإسلامية بشكل جديد, أو إيجاد لغة للعمارة الإسلامية المعاصرة, ومنهم من ينجح ومنهم من يفشل, ومن فشل فلقد فشل فى إستيعاب ما سبق.

مسجد مركز الملك عبدالله المالي ... من تصميم ( FXFOWLE ) , لا أعلم هل يصح أن نطلق عليه مسمى مسجد ؟!! فهو أشبه بركن للصلاة فى مول تجارى لم يكن مخطط له أن يكون به مسجد, فإستعانوا بأحد الصالات الفارغة لتكون مصلى للناس.



فأنت عندما تصلى بمسجد السلطان حسن بمصر, أو مسجد ديجينا بمالى, أو مسجد بيت الإسلام بكندا, أو فى أى مسجد فى العالم, لا تستطيع أن تمنع نفسك من الشعور بهيبة وقدسية المكان, ولا بالراحة النفسية التى تنتابك من تأثير المعالجات البيئية الجميلة المتعمدة, ولا تخطئ عينك أبداُ معرفة وظيفة هذا المبنى من بعد بالرغم من الفروقات الحاسمة فى التصميم ما بين كل هذه المبانى.



فأنتقادنا لهذا المبنى لم يأت من كونه محاولة لتشكيل عمارة إسلامية معاصرة بفكر جديد, ولا لكونه تصميم إسلامى جاء من غير المسلمين ... أو لتجاهل الرواد الكبار فى العمارة الإسلامية أمثال عبد الواحد الوكيل وعبد الحليم إبراهيم, ولا أى من الأسباب السيكوباتية النابعة من الغيرة ... ولكن جاء بسبب شعورنا بل وتأكدنا من قلة الإهتمام.



هناك قلة إهتمام واضحة من " المالك" بتصميم هذا المبنى المسكين فى قلب منطقة مالية من حيث المتابعة مع المصمم, قلة إهتمام واضحة من "المصمم" فى إستيعاب مبادئ تصميمية يدعى أنه أراد تطويرها للتناسب ما حولها, قلة إهتمام واضحة بأرثنا و تراثنا المعمارى بشكل واضح فى كافة أرجاء بلادنا العربية بحيث أننا نجد معظم المبانى الحديثة إذا تم إنتزاعها وزرعها فى أى من الدول الأوربية و الأمريكية لتناسبت أكثر معهم.

لدينا على سبيل المثال مشروع الجامعة الأمريكية بالقاهرة الجديدة للمقارنة, لماذا هذا المشروع تحديداُ ؟ , لأن الجامعة الأمريكية تابعة لأدراة أمريكية, صممها مجموعة من المصممون الأجانب, نفذها شركات أجنبية, ولكن على أرض مصرية, ولأنها فقط على أرض مصرية, فما كان منهم إلا إختيار مرادفات معمارية تعكس المكان والإنسان, مبانى تتألف وتتكامل مع من حولها, إستعانوا بمكتب الدكتور عبد الحليم إبراهيم ليكون لهم رقيباً, ليكون حلقة وصل بينهم وبين حضارة مؤلفة من مئات السنين, فقط كل ما كانوا يحتاجوا له هو الإهتمام, والذى يظهر من الخطوات الأولى لوضع البرنامج التصميمى لهذا المشروع.
Dr. EMAD HANI ISMAEEL
                 Ph.D. in Technologies for the Exploitation
                 of the Cultural Heritage .
                 Senior Lecturer in the Dept. of Architecture
                 College of Engineering , University of Mosul 
                 Mosul - Iraq .

                   emadhanee@gmail.com
                   http://emadhani.blogspot.com/
Tel :           +964 (0)770 164 93 74

 

تعليقات